الكتابة مُخاطبة الله جل علاه لخلقه، وتوثيق فعل الرسول الكريم وقوله. الكتابة عبادة الخلق للخالق والتزاما بما شرع وسيرا بما أوجب. الكتابة نهج الفلاسفة وأسلوب العلماء والبناة ولغة العاشقين ووصل للمختلفين. الكتابة تصوير الناجحين والأذكياء والرومانسيين والنرجسيين. هي إفطار الصائمين وفجر الساهرين وأمل المحبطين، الكتابة هي تقريبا للمبعدين والمنسيين وأنساً للمستوحشين والوحيدين وتنفيسا للمختنقين وماءا للعطشين وطعاما للجائعين ودواءا للعليلين. الكتابة هي مقصدا للزائرين ومنارة للتائهين وهديا للضائعين وقارب نجاة للغارقين. الكتابة للاختلاف وليست للخلاف، هي للتقارب وليست للتناحر، للتحاور وبيان الرأي وليست للتعنت وفرض الرأي، الكتابة عبرة الماضي وعمل الحاضر واستجلاء المستقبل وليست تجاهل الأزمنة والانغلاق على الذات الفردية والجماعية، الكتابة للتعارف وليست للتباعد، هي أساسا للبناء ومصدا للتخريب، الكتابة لترتيب الأوراق وليس لخلطها، هي للتخطيط والتهيؤ بخطوات تغير المستقبل نحو الأحسن وليست العودة إلى الماضي بإحباط، هي لتغيير الحال الأحسن لأحسن منها وليس للتوقف أو لتهديم ما موجود، الكتابة للنجاح وليست للفشل، للتفاؤل وليست للإحباط والياس. الكتابة قد تكون غطاء للنواقص وسترا لعيوب النفس الامارة بالسوء، وربما هي تجميلا للوحوش وتشويها للطيبين وتنكيلا بالشرفاء. قد تكون الكتابة صراخ المفلسين وحجة الضعفاء لإثبات ما لديهم أو بيان وجودهم الهش. الكتابة قد تكون سببا للإقصاء ومبررا للقتل ومدخلا للعداء ومسلكا للإبعاد وواجهة للتحزب وطريقا لتشريع الطائفية والعنصرية ووسيلة للارتزاق والتجارة والمتاجرة بالكلمات وتأويل المعاني والحصول على المكاسب والأموال. لهذا فعلى الكتابة أن تكون مسؤولية كاتبها وأمانة برقبته وفعلا سيٌحاسب عليها بالنوايا وإن اختلفت عما دلت عليها معاني الكلمات. على الكتابة أن تكون كبيرة في معناها ومغزاها ترنو إلى الإصلاح والبناء ولا شيء غيرهما. وحيث إن الكتابة عطاء كاتبها وتضحيته بوقته وجهده وماله وأحيانا بعائلته وأحبائه، فلا ضير إن فكر بمقابل يعادل جزءا بسيطا مما أعطاه على ألا تكون هدفا أوحدا. على الكتابة ان تكون مفتاحا للأبواب المغلقة ومدخلا للأفكار البناءة وطريقا للصالحين والطيبين.